كان من المفترض أنشر هذه التدوينة قبل 8 أشهر بعد أن أكمل كتابتها. لازالت معلّقة عندي، وبعد مراجعتها اليوم قرّرت أن أنشرها “كما هي” لأكتشف معنى التجربة. تتجمّع في ذاكرتي هذه الفترة أفكار كثيرة أحاول أن أرتّبها وأخرج بها بقراءة جديدة لأسلوب حياتي والواقع من حولي. أود أن أعلق من خلال هذه التدوينة على

ولكن

إن كان هناك شيئا يُؤخذ على الغرب فهو برأيي سياساته الخارجية غير العادلة تجاه العرب والمسلمين (التي لا يمكن أن أعترض عليها بأي حال طالما أنها -بنظر الغرب- تخدم مصالحه، وطالما أن سببها بالدرجة الأولى هو التخلّف العربي). فالغرب المتناقد في تعامله مع الغير يطلب من الدول العربية أن تُعطي الشعوب حريتها وتخفف عن المرأة وطأة الإضطهاد وتسمح للناس أن يختاروا من يمثّل أفكارهم وتوجّهاتهم، ولكنه في الوقت نفسه يكرّس هذا الشيء باحتلاله الدول العربية فعليّا وسياسيّا وتقسيمه لها إلى جُزيئات عرقيّة وطائفيّة، وسأضرب مثلا على هذا من تاريخ لبنان.

وضعت فرنسا للبنان دستورا قائما على الطائفية قبيل رحيلها عن أراضيه عام 1943 ثم تركته يسبح في دوّامة من المعمعة لا يزال الشعب اللبناني يعيش فيها حتى اليوم. وإذا رجعنا لفترة ما قبل الإستعمار حين كان “جبل لبنان” تحت سيطرة العثمانيّين، كانت الدول الغربية قد ضغطت على الإمبراطورية العثمانية لكي تمنحها امتيازات سياسيّة على “جبل لبنان” بحجّة ضمان الحفاظ على سلامة أهله وعيشهم الكريم، وبعد أن نجحت في الحصول على تلك الإمتيازات راحت كل دولة أوروبية تدعم طائفة من طوائف لبنان وتمنّيها على حساب الطوائف الأخرى، ثم دعت بعد ذلك لتطبيق نظامي القائمقاميّتين و المتصرّفيّة الذين كرّسا المزيد من الحقد الطائفي وكان سببهما حروب أهلية راح ضحيتها الآلاف بين الموارنة والدروز. أما الذين كانوا بالأمس فريسة لأيدي الغرب العابثة فلا زالوا يلومون العثمانيين على كل شيء ظنّا منهم أن الدول الأوروبية كانت تعمل لمصلحتهم، في حين أن دعمها لم يكن إلا استغلالا لعقليّة أمراء الطوائف والإقطاعيين ورجال الدين، وكان سببا في هدم القيم العليا التي تربّى عليها الإنسان الشرقي: الأخوّة، والمحبّة، وحب الغير، والإيثار، والكرم إلخ…

وها هو لبنان اليوم بعيوبه وأمراضه نتاج ما تراكم من أخطاء على مر التاريخ. ولن أتطرّق للقضايا الأخرى مثل التوريث والقضيّة الفلسطينية واحتلال العراق وأفغانستان، وغيرها من القضايا التي فضحت إزدواجية الدول الغربية في سياساتها الخارجية، وعرّت العقليّة العربية المريضة.

يُبهرني الغرب

ولكن يبقى الغرب مصدر انبهار واعجاب بالنسبة لي، لأنه -على الأقل- يتعاطى مع شعوبه بطريقة غاية في النُبل. الحكومات هناك حريصة على صون حق الإنسان (والحيوان والطبيعة..) واحترام رأيه وتوفير جو الراحة والرفاهية له حتى يكون أمامه مجال للإبداع والإختراع وخدمة بلده وخدمة الإنسانيّة، وإن كان الأمر لا يخلو من شذوذ عن القاعدة هناك وهناك. إنّ الحياة في الغرب بمجملها “كريمة”، الشي الذي يذكّرني دائما بما جاء في القرآن “ولقد كرّمنا بني آدم”. فهل العربي -إبن آدم- في بلده كريم؟ (سؤال بلاغي)

غيبوبة

إنني أعتقد أن أكثر ما يُربك الخصم أو العدو أو الشريك الذي نتبادل معه المصالح هو أن نكون مستيقظين، أحرار.