أتابع أخبار صحيفة هآرتز الإسرائيلية منذ سنة تقريبا، وهي أقدم صحيفة منشورة والأكثر شيوعا في إسرائيل وناطقة باللغتين العبريّة والإنكليزية. شدّتني كثيرا مقالاتها، إذ بعيدا عن المعلومات المفيدة التي يتلقاها القارئ فيما يخص المجتمع الإسرائيلي وحكومته، تنشر الصحيفة أخبارها بموضوعية يصعب إيجادها في صحيفة عربية تعمل ضمن خطوط حمراء مرسومة لها.

Haaretz.com

إن أوّل ما شدّني لمتابعة أخبار الصحيفة هو مجموعة مقالات كانت تنشرها تشير إلى إحصائيات (أجرتها منظمة السلام الآن الإسرائيلية) تبيّن أن نسبة كبيرة جدا من الأراضي التي تقوم عليها المستوطنات الإسرائيلية هي ملك خاص للفلسطينيين. وقرأت أيضا مقالة تنتقد الحرب على غزّة وتصف إسرائيل بالمتعطشة للدماء وتقول إن الحرب لم تُوقف الصواريخ التي زعمت إسرائيل أنها ستضع لها حدّا من خلال الهجوم العسكري، وأن الحل الحقيقي هو الحوار مع حماس!

هنا أودّ أن ألفت نظر القارئ إلى شيء، قد لا يعجبك كل ما تقرأه في الصحيفة، ولكن لا تنسى أنها إسرائيلية!

مؤخرا نشرت الصحيفة مقالة ترجمتُ جزءا منها تقول فيها “سيكون الأطباء النفسيين كرماء جدا فيما لو حاولوا تفسير سبب قيام القادة، في دولة تلتزم بحل الدولتين، بصرف المزيد من المبالغ المالية الضخمة لبناء المزيد من المستوطنات على أراض يتوجّب علينا إخلاؤها في المستقبل. كيف نفسّر قرار تجميد بناء المستوطنات لمدة 10 أشهر الذي ما لبث أن أعقبته مباشرة عمليات بناء المزيد من المستوطنات؟ …”

وتزيد “على القادة أن يفسروا لنا كيف أن المدّعي العام في إسرائيل يُعلن عن نيّته في مصادرة المزيد من الأراضي المملوكة للفلسطنيين في مستوطنة “عفرة” -أكبر مستوطنة غير قانونية من بين باقي المستوطنات (بحسب قول مستشار وزير الدفاع لشئون الإستيطان)- في حين أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أقرّ خلال كلمته التي ألقاها السنة الماضية في جامعة “بارلان” أنه لن يرضى بذلك، وقد فعل الرئيس شمعون بيريز الشيء نفسه خلال إحدى اللقاءات التي جمعته بالرئيس حسني مبارك.”

إنه من المهم جدا أن نعي أهميّة وجود مثل تلك المقالات في صحيفة إسرائيلية. هذه المعلومات أو الأخبار التي تنشرها الصحيفة لا تخدم بأي شكل من الأشكال “القضية الصهيونية” بل إنها حجّة عليها لما تركتبه من مصادرة للأراضي، وقتل للمدنيين، وعنجهيّة لا حدود لها. هذه الصحيفة و جهات كثيرة أخرى في إسرائيل تعمل على إظهار الصورة الحقيقية لإسرائيل، منها منظمة “السلام الآن”.

Peace Now

منظمة غير الحكومية لها نشاطات كثيرة في إسرائيل، مثل مراقبة حركة بناء وتمويل المشاريع الإستيطانية غير الشرعية في قطاع غزة والضفة الغربية. عملت المنظمة منذ تأسيسها عام 1978 على إظهار المعاناة الفلسطينية نتيجة سياسات إسرائيل العنصرية. موقع المنظمة على الإنترنت [].

الخلاصة

الدول لا تتفوق على بعضها بالسلاح.