إماراتي

أطلقوا عليها لقب “أفلاطونية” لأنها بنظرهم “تتفلسف كثيرا”. هي شابة إماراتية طموحة، شدّني إهتمامها بالأدب الإنكليزي فأصبحتُ أتابع كتاباتها من خلال مدونتها. و ازدادت وتيرة المراسلات فيما بيننا في الفترة التي كنتُ فيها أجهّز نفسي للمجيئ إلى الإمارات. هي أدرى بشعاب مكّة، سألتها عن الشعب الإماراتي، فقالت..

إماراتيات -ج2

أضع بين أيديكم الجزء الثاني من سلسلة “إماراتيّات” بعد أن طرحت الجزء الأول الذي تكلّمت فيه عن الإمارات بشكل عام، و حياة إمارة الشارقة بشكل خاص. أرجو أن يساعد هذا المقال، و الأجزاء المقبلة منه في فهم أعمق للمجتمع الإماراتي و عاداته و تقاليده.

و أعود لما بدأت به. سألتها عن الشعب الإماراتي، قالت..

1- كفتاة إماراتية محترمة، ما هي القيود (فيما يتعلق بالزواج، العادات، الحرية الشخصية، التعليم، الحياة الإجتماعية أو السياسية) التي تواجهينها أو تعيق حياتك و تتمنين إزالتها؟

كفتاة إماراتية محترمة، ما هي القيود (فيما يتعلق …

بالزواج — لم أتزوج إلى الآن لذا فأنا لا أعاني أية قيود بخصوص هذا الموضوع ولم تواجهني مشكلة بخصوص أنني متزوجة أو غير متزوجة إلا أنه ما زالت هناكـ نظرة للشخص المتقدم في معرفة أصوله و هل أصوله ستتماشى مع أصولنا نحن أهل البدو أم لا .. أتمنى أن تزول هذه النظرة في مجتمعي لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه و دينه فزوّجوه.

على الهامش: عرسك جريب و ما تعرفين من وين تبدين؟ ما إلك إلا موقع يباب!

العادات — ليس من عادتنا نحن البنات الذهاب إلى المولات مع الصديقات أو الخروج معهن إلى أي مكان مختلط و هذا ما كنّ يتحرجن منه البنات عندما أرفض الخروج معهن بالرغم أنني أعلم بأنه لاشئ في الخروج طالما أنني أعرف هؤلاء البنات بأنهن ملتزمات، إلا أنك ماذا تقولـ في نظرة الأهل .. كما أن بعض من أخواني الشباب يرفضون خروجنا نحن البنات (الأخوات) مع بعضنا البعض إلي المولات بحجة كثرة وجود الشباب البطالين، لكنه مسموح لنا الذهاب في الصباح فقط أو مع أحد من الرجالـ مساءاً إلا أن أبي لا يرفض ذهابنا إلى هذه الأماكن – بناته ويعرفهم خير معرفة.

الحرية الشخصية — الحمدلله أنا لدي حرة بالتصرف بأيما تصرف، فلا أجد أية قيود. صحيح أن أهلي قد يرفضون فكرة معينة إلا أنني إذا كنت مقتنعة بها أستطيع تنفيذها ..

التعليم — والدي من مشجعي التعليم و في أي مجال أو تخصص أدخله يفرح فيه طالما أنني أرغب في هذا التخصص بشدة .. كما أنه لا يمانع من إبتعاثي لخارج الدولة لإكمالـ الدراسة، بعكس إخواني الشباب الذين يعارضون فكرة السفر من أجل الدراسة بحجة عدم وجود محرم طبعاً .. كما يرفض بعض إخواني (الشباب) دخولنا من بعض التخصصات، فمثلاً أن تعمل البنت كممرضة ضع تحتها ألف خط .. عموما إخواني الشباب ليسوا من مشجّعي عمل المرأة إذ يرون أنه لا حاجة لها للعمل خارج المنزلـ طالما أن الزوج قادر على الكسب .. حسنا أنا أحترم نظرتهم و ربما لو كنت في مكانهم لنظرت إلى هذا الموضوع بنفس هذه النظرة. أضف إلى ذلكـ أنهم في ثورة الشباب يحبّون أن يفرضوا آرائهم في بعض الأمور لكن الحمد لله بأن الكلمة الاولى والأخيرة في المنزلـ هي للوالد الذي بإمكاننا التفاهم معه وفق إحتياجاتنا!

الحياة الإجتماعية — لا توجد أية قيود في حياتنا الإجتاعية إذ مسموح لنا أن نكوّن علاقات و زيارات. لكن للأسف لم نتعود على هذه الزيارات منذ صغرنا، فزياراتنا محدودة جداً .. أما الأعراس فدائما ما يشدّد علينا الوالدين وجوب الحضور لأعراس ناس يعرفونهم من بعيد – إلا أنني لا أعرفهم – مما يحدوا بي لأن أتحجج بألف حجة حتى لا أذهب .. أعترف أن سلوكي هنا خاطئ!

السياسية — لا أحبذ التكلم في مجالـ السياسة كثيراً و دائما عندما أجلس مع مجموعة أياً كانت نتحدث فيه ببعض الأمور السياسية نحاول تحوير الموضوع لاجتناب أية مشاكل أو سوء فهم قد يحدث .. كما أن الوالد لا يحبذ أن نخوض في هذا المجالـ كثيراً، أتمنى أن يأتي اليوم الذي يستطيع المواطن العربي و ليس الإماراتي فقط أن يتكلم فيه بالأمور السياسية دونما أي خوف أو تردد ويقول رأيه بكل صراحة!

2- هل التعليم نعمة أم نقمة في حياة الفتاة الإماراتية (تأثيره على الزواج)؟

بلغت الرابعة و العشرين و تجاوزتها دون زواج لا أرى بأساً من ذلك .. و لا أنقم على التعليم بحجة تأخر الزواج، فبالعكس التعليم وسّع كثيراً من مداركي .. أما الزواج فكما أؤمن به فهو “قسمة و نصيب” .. فالحمدلله أنا بصحة وعافية و عائشة في كنف أسرتي مع والديً و إخوتي و أخواتي و أبنائهم وبناتهم وآمنة في وطني ولي وظيفة مريحة ألا يكفيني هذا لأحمد الله سبحانه على نعمه عليً .. كان يقالـ سابقاً “ظل راجل ولا ظل حيطة” أما اليوم فتحوّر المثل إذ أصبح: ظل وظيفة ولا ظل راجل!

3- الزي الذي تلسبه النساء (ما يغطي المرأة إلا عينيها – النقاب) .. ما رأي أفلاطونية فيه، هل علموها أهلها أنه من الدين أم من العادات؟

بالنسبة لي أرى ان المرأة الإماراتية التي لا تلبس العباءة و “الشيلة” – غطاء الرأس – هو شيئ مستهجن و كذلك يرى أهلي نفس النظرة، إلا أننا لا نعممها على باقي الشعوب لأنه زي تقليدي .. ارتداء العباءة بالنسبة لي شئ محبب .. لأنها شيئ مني، شيئ أعتبره جالب للإحترام .. أما الخمار أو النقاب فالخلاف فيه كبير بين الفقهاء منهم من أجاز ومنهم من لم يجز .. بالطبع أنا هنا لا أفتي ولكن حسب دراستي في مجال الشريعة و القانون علمت أنه من حق المرأة إظهار الوجه والكفين و هذا ما أفتانا به أحد شيوخنا الكرام، إلا إذا خافت المرأة الفتنة عندها طبعا يحبذ لها لبس الخمار .. بالنسبة لي فأنا لا أرتدي النقاب ولا أرتدي الخمار ولا أرتدي الغشوة و أهلي لم يعارضوا ذلك طالما أنني محتشمة بلباسي و لا أظهر سوى وجهي و كفي دون مكياج صارخ أو غير صارخ ولا عطور تفوح لأمتار. تكفيني عباءتي الساترة وكذلكـ شيلتي أما هل سألبس النقاب مستقبلاً فالله أعلم!

4- أبدأ من حيث إنتهيتِ بقولك “الله أعلم”. تُرى هل هذه عبارة قلتيها إيمانا منك بالقضاء و القدر بشكل مطلق لا دخل فيه للمشاعر الإنسانية، أم أن الأمر يتعلّق بزوجك المستقبلي و ما يراه (هو) في لباس المرأة؟

قلت الله أعلم .. لأنني لا أعلم ما هي الحيــاة المستقبلية التي تنتظرني .. فانا حقاً لا أعلم ما نوعية و عقلية رجل المستقبل أو أنه من الممكن أن تختلف إقتناعاتي المستقبلية التي قد تتغير تحت أي ظرف.

5- هل يمكن للفتاة في بيئتك رؤية خطبيها عندما يتقدم لها أم أن الأهل فقط يرونه؟ هل للفتاة حق القول “يا أبتي إستأجره”؟

بالطبع والدي يؤمن أنه من حق الفتـاة رؤية خطيبها، و من حقها أن ترفضه أو تقبله طالما وقع في نفسها القبـول أو الرفض.

6- ماذا يمثل لك العالم الإفتراضي- الإنترنت؟ كيف تعيشين فيه؟

أصبحت الحياة دون إنترنت صعبة بعض الشئ بعد أن تعوّدنا عليها .. فكل ما تبحث عنه وما تريده تجده في هذا العالم الإفتراضي ..  لقد ترك لي إخوتي الحرية المطلقة بدخولـ هذا العالم، و كأن لهم ثقة افتراضية بنا أو لأنهم لم يستطيعوا أن يمنعونا من شئ هم يفعلونه .. و لكن والدنا لا يحبذ أن نجلس الساعات الطوال في هذا العالم كونه يسمع الكثير عن مساوئ هذا العالم ويخشى علينا من ذلكـ.