مرحبا بعد غياب طويل. أود أن أعرض فيما يلي بعض الآراء التي أراني أرتاح لها. منذ أن بدأت أبحر في محيط الدين، طرأت على أفكاري الكثير من التغيرات، لذا قد يكون ما أقوله اليوم يتناقض مع ما نشرته قبل سنتين أو أربع. المقطع أعلاه مرتبط بموضوع المقالة من عدة جهات و أؤيد محتواه، لذا أحببت أن أنشره رغم كونه باللغة الانكليزية.

أعتقد أن القرآن هو أساس و مصدر كل المفاهيم الدينية الاسلامية، و أن أي تعارض مع القرآن تحت أي مسمى هو باطل سواء كان حديث منسوب للنبي أو عادات اجتماعية منسوبة للدين. وأرى أن الكثير من المفاهيم الاسلامية الكبيرة السائدة اليوم هي محض سفسطة و تكهنات وافتراءات و هي نتاج عادات و مصالح فردية و سياسية و طائفية تطورت عبر التاريخ لتصبح من المقدسات.

خذ مثلا موضوع “الحجاب”. لم ترد كلمة الحجاب في القرآن ولو مرة واحدة بمعنى غطاء الرأس، و رغم ذلك تسمع هذه الكلمة تتردد كثيرا على أنها جزء من الدين. يوجد في القرآن ثلاث آيات تتكلم عن لباس المرأة، ولكن الآية الوحيدة التي تطرقت لغطاء الرأس بطريقة غير مباشرة، هي الآية التي تأمر النساء بتغطية صدورهن من خلال لف الخِمار على منطقة الصدر بحيث لا يبرز منه شيئا. و إن تغطية الرأس هو جزء من الثقافة المجتمعية السائدة آن ذاك، و كذلك كان الرجل يضع العمامة على رأسه. القرآن أشار تحديدا إلى مشكلة إبراز الصدر (النهدين) عند المرأة بقصد أو دون قصد، ولم يقل أن على المرأة أن تلبس الخمار، أو أن هذا اللباس التقليدي في الجزيرة العربية يجب أن يكون أصلا من أصول الاسلام! الجدير ذكره أن الخمار تلبسه المرأة العربية قبل مجيىء الاسلام. المثير للدهشة هو تحوّل الخمار (الذي يطلق عليه خطأ “الحجاب”) إلى شعار ديني.

المثير للدهشة هو أننا اليوم نعيش على شعارات و مفاهيم كبيرة جدا ولكن لا أساس لها و نردد كلمات و عبارات لا نفهم معناها أو مصدرها، و يصل أحيانا حد التطرف لدينا إلى الاعتداء على حرية الناس أو ربما القتل تحت شعارات و أسماء لا علاقة للقرآن أو الله بها، بل هي نتاج الفكر الجماعي والعادات والأهواء.

سأستمر في طرح الأمثلة وهي كثيرة. هل يحق للرجل الزواج من أربع؟ هل المسيح سيعود؟ هل يوجد “دجال” هل هناك مهدي؟ هل المرأة تختبىء في البيت؟ هل تتولى المرأة رئاسة الدولة؟ هل يحل الزواج من بنات أطفال بعمر 8 و 12 سنة؟ هل فعلا تزوج الرسول طفلة؟ هل بنى نوح سفينة تتسع لجميع الحيوانات؟ هل غطى الطوفان الكرة الأرضية؟ هل للناس حرية الاعتقاد و الايمان والكفر بالله؟ هل المسيحي في النار؟ هل كل البشر على الكرة الأرضية اليوم في النار ما عدا المسلمين؟ هل الله موجود؟ ما الذي يؤكد لك أصالة القرآن؟ هل الله عادل؟ لماذا يوجد شرور و آلام في العالم؟ ما هو الشر؟ إلخ..

بينما يريد الله لبيته أن يبنى بالمحبة فإن الإنسان هرع لجمع الأحجارطاغور

هناك 3 احتمالات للحصول على إجابات عن تلك الأسئلة و غيرها الكثير: الاحتمال الأول هو أن نطلع على ما يردده الناس و والشريحة العامة من علماء الدين من مختلف المذاهب. والاحتمال الثاني هو إطلاق الاحكام الشخصية بناء أقوال سمعناها من الاب والأم و الثقافة التي ورثناها عن محيطنا الضيق. والاحتمال الثالث هو النظر في ما يقوله القرآن و ما يتوافق معه ((أحاديث النبي أكثرها مفبرك و منها ما يتعارض مع القرآن أو يزايد عليه، رغم وروده في “صحيح” البخاري.)) من الحديث النبوي.

دين الناس قائم على الاحتمالين الأول و الثاني، لا يعدو عن كونه ثرثرة، و دين الله قائم على الاحتمال الثالث.

العبرة هنا هو أن الحديث عن أي مسألة منسوبة إلى الدين لا منعى له إذا لم يكن له أساس في القرآن. فلا تقل لي أن سفينة نوح اتسعت لجميع أنواع الحيوانات من باب الادعاء بالعلم أو السخرية من الأديان. لا تخلط بين الثرثرة و القرآن، ولا تبنِ آرائك على الأحكام المسبقة.

حسنا، لست أدعوا هنا لأن يتديّن الناس أو أن يُسلموا، و لست ضد “الحجاب” اذا كان من باب حرية اختيار اللباس. بل غايتي الدعوة للبحث عن المعرفة بموضوعية ومن أصولها دون تحيّز و دون الحكم على الأشياء مسبقا أو دون دراية بأبسط مفرداتها و مصطلحاتها. أنا أرى أن الحياة تجربة و رحلة بحث عن الحقيقة، و هذه الرحلة لا تنتهي بقراءة كتاب داروين أو سماع خطبة شيخ، بل إن نهايتها القبر. فمن ظنّ أنه وصل إلى الحقيقة أو اقترب منها و راض بما هو عليه حاليا، فهو واهم كل الوهم.

و شعاري الذي أتبناه: كلما اقتربت من الانسانية و من المبادىء العامة التي تجمع الانسان فأنت على الطريق الصحيح و تفكيرك غير ملوث. و كلما ابتعدت عن الانسانية و تعلّقت بالشعارات الضيقة الحزبية و الطائفية والايديولوجية والتفريقية و اتبعت الاشخاص و الاهواء فأنت تقترب من الظلمة، والضباب الكثيف سيعيقك من تحليل الأمور بشكل واضح.